عيد الاضحى المبارك

[size=18]عيد الأضحى المبارك


كيف نحيي العيد ونحركه في واقعنا؟ وهل هو مناسبة
للإستغراق في الملذات المادية أم له آفاق وأبعاد أسمى وأعمق؟ وهل أن كل
المظاهر الشائعة للاحتفال بالعيد مقبولة من الناحية الشرعية؟ هذا ما
تحاول هذه المقالة تسليط الضوء عليه.

العيد في المفهوم الإنساني مناسبة للفرح والسرور
والتزين بأفخر أنواع اللباس والحليّ، وتناول أشهى المآكل و... وهذا
المفهوم للعيد ضارب في القدم، فقد حكى الله تعالى في كتابه عن قوم
موسى(ع) ما يؤكّد ملازمة العيد للزينة، <قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر
الناس ضحى> (طه: 59).

والإسلام انطلاقاً من واقعيته وانسجاماً مع تطلعاته
في إيجاد توازن بين حاجات الروح وحاجات الجسد لم يتنكّر لهذا المفهوم
الإنساني للعيد، بل أقرّه وفتح الباب أمام كل مشاعر الفرح والسرور لتعبّر
عن نفسها في كل أشكال اللهو البري‏ء، ولذا ينقل عن رسول الله (ص) أنه
قال:«قدمت المدينة ولأهلها يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، وإن الله قد
أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الفطر ويوم النحر»( مسند أحمد 3/103)وأتي
أمير المؤمنين (ع) بهدية يوم النيروز (وهو عيد الفرس) فقال: ما هذا؟
قالوا: يا أمير المؤمنين اليوم النيروز، فقال: «اصنعوا لنا كل يوم
نيروزاً»(من لا يحضره الفقيه 3/300). وفي رواية أخرى «نورزونا في كل
يوم»(م.ن).مشيراً بذلك إلى أن التهادي محبوب في كل الأيام، لا أنه يقرّ
بشرعية هذا العيد كما يوضحه حديث الإمام الكاظم (ع) الآتي.


الانفتاح على الله:


إلاّ أن الإسلام مع ذلك أضفى على العيد حلّة جديدة
وأعطاه زخماً وروحاً خاصة، إن على مستوى العمق أو على مستوى الشكل، أما
على مستوى العمق والمضمون فقد أراد للإنسان أن يفتح عينيه صبيحة يوم
العيد على عملين أساسيين:


الأول:
الإنفتاح على الله سبحانه وتعالى ليبدأ عيده بالفرح الروحي قبل الفرح
المادي، وهذا ما تجسده صلاة العيد بما تمثله من خضوع لله وشكره على ما
وفّق وأنعم، وهكذا يتحسس العبد أن الصوم كان نعمة ومضماراً جعله الله
لعباده يتسابقون فيه إلى طاعته ورحمته، فسبق قوم ففازوا وقصّر آخرون
فخابوا، ولم يكن مجرّد امتناع عن الطعام والشراب حتى إذا ما ارتفع الحذر
أكبّ المرء على الملذات وانغمس فيها، فيكون حاله أشبه بالمحبوس الممنوع
عن كل الملذات، فإذا ما فكّ قيده وأسره أقبل عليها بجشع محاولاً الانتقام
من الجوع والعطش، إن النظرة إلى العيد بهذا الشكل معناها أننا لم نعِ
حقيقة الصوم، وأننا ننظر إليه كعب‏ء وهمٍّ يثقلنا أو سجنٍ يقيدنا، حتى
إذا ما انتهى الصيام شعرنا بالراحة والحرية والتخفف من الأعباء، إن الصوم
لذّة روحية يتم تتويجها يوم العيد بالوفادة على الله قبل الوفادة على أي
مخلوق، وطلب الجائزة منه تعالى قبل طلبها من غيره كما جاء في دعاء الإمام
السجاد (ع) « اللهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة إلى مخلوق
رجاء رفده ونوافله وجوائزه فإليك يا ربّي تهيئتي وتعبئتي وإعدادي
واستعدادي رجاء رفدك ونوافلك وجائزتك فلا تخيب اليوم رجائي...» (الفقيه
2/557).

والعمل الثاني:
هو الانفتاح على
عباد الله، أولاً: من خلال التلاقي بالمؤمنين ومصافحتهم بعد صلاة العيد،
وكذلك التزاور والتراحم الذي يحثّ عليه الإسلام في هذا اليوم وغيره من
الأيام، مما يعزز أواصر الأخوة والإلفة في المجتمع الإسلامي ويجمع القلوب
على المحبة والخير، وثانيا:ً من خلال زكاة الفطرة التي يؤديها المكلّف
صبيحة يوم العيد وما توحي به من إحساسه بالفقراء وبآلامهم وآمالهم،
ويعتبر ذلك برهاناً عملياً على نجاحه في الدورة التدريبية التي خاض
غمارها طيلة الشهر المبارك والتي هدفت فيما هدفت إليه أن توقظ أحاسيسه
فيشعر بالفقراء ويحنو عليهم ويمدّ يد العون لهم.[/size]

العفو يا حلوينشكرا على تنويركم موضوعي

العفو يا قمر هذا واجب عليا